أ. د. صالح ابراهيم المقاطي
أ. د. صالح ابراهيم المقاطي
التربية - مناهج وطرق تدريس - عام
360
التربية - مناهج وطرق تدريس - عام
قياس وتقويم تربوي

خطوات إعداد خطة البحث في العلوم التربوية والسلوكية: دليل إجرائي

خطوات إعداد خطة البحث في العلوم التربوية والسلوكية: دليل إجرائي
1278
خطوات إعداد خطة البحث في العلوم التربوية والسلوكية: دليل إجرائي

خطوات إعداد خطة البحث في العلوم التربوية والسلوكية: (دليل إجرائي)

كتبة/ أ. د. صالح بن إبراهيم المقاطي

البحث العلمي في العلوم التربوية والسلوكية أو المسلكية يختلف عن البحث العلمي في الطبيعة أو الطاقة أو عن البحث العلمي في العلوم الشرعية أو حتى العلوم النظرية الأخرى لتعلق هذا النوع من البحوث التربوية بالنفس البشرية المتغيرة نسبياً فجال هذا النوع من الأبحاث هو البحث في طبيعة النفس البشرية وما يطرأ عليها من تغير دائم أو نسبي ولذلك فإن طبيعة البحث في هذ المجال يختلف عن غيره.

وعند إعداد مخطط بحثي في مجال العلوم التربوية أو السلوكية هناك خطوات علمية يجب على الباحث أن يتبعها ليكون بحثه علمياً يسير وفق خطوات ومنهجية البحث العلمي في العلوم التربوية وسنتناول هذه الخطوات بشيء من التفصيل ووفق إجراءات البحث العلمي كالتالي:

الخطوة الأولى: كيفية نشأة فكرة البحث العلمي:

تنشأ الفكرة البحثية لدى الباحث عن طريق انشغال التفكير الذهني لدى الباحث في اختيار فكرة البحث وهذه تتم عن طريق اعمال العقل والفكر وانشغاله فيما يرغب الباحث أن يبحثه. فتجد الباحث فكره منشغل بأمر ما أو موضوع ما أو فكرة ما أو أمر ما مسبب له قلقاً فكرياً ويرغب في معرفته أو بحثه وفق أسس علمية في البحث، فهذه أولى خطوات البحث العلمي. ولإنجاز هذه الخطوة: فإنه يجب على الباحث أن يجيب على التساؤلات الآتية: ما فكرة البحث العامة التي تشغل ذهنه ويرغب في معرفتها وفق أسس البحث العلمي السليم؟ وما المجال الذي تنتمي إليه هذه الفكرة البحثية؟ وهل لدي رغبة أو حاجة ملحة لي كباحث لبحثه ومعرفة سببه؟ وهل إذا بحثته اشعر فيه بالفخر والإنجاز وإني قدمت شيئاً أفتخر به؟ وفي أي تخصص سأبحث؟ وما موضوعه؟ وهل يمكنني تحديد مشكلة البحث بدقة؟ أم لا؟ وعندما يجد الباحث نفسه يستطيع الإجابة على تلك التساؤلات بنعم؛ فينبغي له أن ينطلق لتنفيذ الخطوة الثانية وإن كانت الإجابة بلا فليتوقف ويعيد النظر في فكرة البحث من جديد.

الخطوة الثانية: تحديد مشكلة البحث:

ويقصد بمشكلة البحث موضوع البحث أو عنوانه وتتم هذه المرحلة بعد تجاوز الخطوة الأولى وهي تحديد فكرة البحث، وهنا يحاول البحث صياغة مشكلة البحث صياغة واضحة ودقيقة بحيث يستطيع بحث ما يريد بحثه حتى لا يتشعب عليه جزئيات في البحث تطرأ عليه فيما بعد أثناء إجراء الدراسة. وعند تحديد مشكلة البحث أو عنوانه فإنه يجب على الباحث الإجابة على التساؤلات الآتية: ما عنوان البحث بدقة؟ وهل هذا العنوان واضح أم لا؟ وهل هو جامع لما يرغب الباحث بحثه تحته أم لا؟ وهل هو مانع لما لا يرغب الباحث بحثه من الدخول فيه أم لا؟ وهل كل كلمة في هذا العنوان لها مدلول أو معنى واحداً تشمله أم لا؟ وهل هذا العنوان موضحاً فيه حدود الدراسة العام أم لا؟ وهل هذا العنوان جذاب يُلفت نظر الباحثين لقراءته أم لا؟. وعندما يجد الباحث نفسه يستطيع الإجابة على تلك التساؤلات بنعم؛ فينبغي له أن ينطلق لتنفيذ الخطوة الثالثة، وإن كانت الإجابة بلا، فليتوقف ويعيد النظر في فكرة تحديد مشكلة البحث من جديد.

الخطوة الثالثة: تحديد أسئلة البحث:

كل مشكلة بحثية مبنية على سؤال أو استفسار بحثي علمي ويحتاج إلى جواب علمي سليم ومنطقي وهذا السؤال ينبغي صياغته بدقة ووضوح حتى نستطيع الإجابة عليه من خلال تطبيق خطوات البحث العلمي السليم. ويتم ذلك من خلال قلب عنوان البحث إلى صيغة سؤال علمي ينتهي بأداة استفهامية (.....؟) مثال للسؤال البحثي: ما.....؟ وقد يتفرع عن هذا السؤال البحثي العام عدة أسئلة بحثية فرعية يمكن صياغتها تحته بشرط أن تحقق الإجابة عن هذه الأسئلة الفرعية في مجملها الإجابة عن السؤال البحثي العام للبحث.

الخطوة الرابعة: تحديد فروض البحث إن وجدت:

لكل سؤال بحثي فرضاً علمياً ينبثق منه؛ وكل فرض علمي قائم على سؤال بحثي والفرض قد يكون فرضاً صفرياً ( محايد) بمعنى قد يجد الباحث من نفسه لا يستطيع أن يثبت ما كان يتوقعه من نتائج للإجابة على سؤال بحثه وبهذا يكون هذا الفرض صفرياً أو بمعنى آخر يتم صياغة هذا الفرض بصورة محايدة. أو قد يكون هذا الفرض موجبا بمعنى أنه يمكن توقع نتيجة هذا السؤال أو الفرض، وتكون من صالح الدراسة من حيث الاثبات فيطلق عليه فرضاً موجبا. أو قد يكون هذا الفرض سالباً بمعنى لا تكون نتيجته في صالح الإجابة عن السؤال العلمي بل تكون النتيجة عكسية. وعند صياغة الفرض إن كان بالفرض الصفري تكون بصيغة النفي أي صياغة الجملة المنفية وعند صياغته بالفرض الموجب يكون بصياغة الجملة المثبتة. وفروض البحث يمكن صياغتها في البحوث (شبه) التجريبية أو البحث السببي المقارن وما عداهما قد لا نحتاج فيه صياغة فروض بحثية.

الخطوة الخامسة: صياغة أهداف البحث:

في الحقيقة إن هذه الخطوة تكون بعد تحديد عنوان أو موضوع أو مشكلة البحث لكن صياغتها بدقة ووضوح لا تكون إلا بعد صياغة أسئلة البحث لأن ذلك يساعد الباحث في تحديد أهداف بحثه بدقة ويعمل توازن بين أسئلة البحث وعنوانه وفروضه بحيث تكون كلها مترابطة مع بعض في مستوى واحد من حيث الإعداد والصياغة والتنفيذ. وبعد ذلك يسهل على الباحث صياغة الأهداف بدقة ووضوح وتتم هذه الخطوة بقلب أسئلة الدراسة العامة والفرعية إلى أهداف علمية ومنطقية وواضحة ودقيقة ويمكن قياسها علمياً ومنطقياً. وكل هدف ينبثق منه سؤالاً بحثياً وكل سؤال بحثي يحقق هدفاً علمياً.

الخطوة السادسة: تحديد أهمية البحث:

ويقصد بذلك ما الإضافة العلمية والعملية التي يمكن للباحث أن يضيفها للمكتبة العلمية من خلال بحثه، وتتناول جانبين مهمين هما: الأهمية العلمية النظرية والأهمية العملية التطبيقية. وهذين الأمرين يمكن للباحث سبر أغوارهما من خلال قراءته المكثفة في مجال وموضوع بحثه ليخرج بهذه النتيجة. وغالباً هذه الخطوة يتم كتابتها بعد الانتهاء من إجراء الدراسة ميدانياً لأنه يكون الباحث قد نضج لديه البحث بعد القراءة والاطلاع والتطبيق.   

الخطوة السابعة: حدود البحث:

وهذه الخطوة هي التي تجعل عنوان البحث يتحقق فيه شرط أن يكون العنوان جامعا مانعا في آن واحد بمعنى يكون العنوان دقيقاً فلا يدخل فيه ما ليس منه ولا يخرج منه ما هو منه. ولذلك ينبغي للباحث أن يحدد حدود بحثه بدقة من حيث الموضوع وهو ما يطلق عليه بالحدود الموضوعية، ومن حيث المكان وهو ما يطلق عليه بالحدود المكانية، ومن حيث الزمان وهو ما يطلق عليه بالحدود الزمانية، ومن حيث البشر الذين ستشملهم الدراسة وهو ما يطلق عليه بالحدود البشرية فلابد أن تصاغ هذه الحدود كلها بدقة ووضوح ليعرف الباحث ماذا سيبحث؟

الخطوة الثامنة: مصطلحات البحث:

وتهتم هذه الخطوة بتحديد مصطلحات البحث الواردة في عنوان الدراسة بدقة من ناحيتين: وهو أن يتم تعريف المصطلح علمياً كما ورد في البحث العلمي سابقاً له، ومن ثم يتم تعريف المصطلح إجرائياً كما يريده الباحث في دراسته وأهم شرط هنا أن يستند التعريف الإجرائي على تعريف علمي سابق له، لماذا؟ لأن ذلك يساعد الباحث في اكتشاف الإضافة العلمية التي سيقدمها من خلال بحثه في مجاله.

الخطوة التاسعة: قصور البحث:

وهذه الخطوة يُغفلها كثير من الباحثين وتعد هذه الخطوة من الأهمية بمكان ولا تُعد قصوراً في البحث العلمي بل هي ميزة للبحث وتدل على الأمانة العلمية التي يتمتع بها الباحث إذ إنها تساعدنا في معرفة الحدود التي استطاع الباحث تغطيتها والحدود التي لم يتمكن الباحث من بحثها ولها علاقة ببحثه.

الخطوة العاشرة: البدء بجمع المادة العلمية والدراسات السابقة:

وهذه الخطوة يتناول فيها الباحث جانبين مهمين سابقين لبحثه وهما: الإطار النظري والدراسات السابقة. ففي الإطار النظري ينبغي أن يبدأ الباحث بالقراءة وجمع المادة العلمية لما يخص موضوع بحثه ومجال دراسته من الناحية النظرية والفلسفية لتحديد الإطار النظري الذي سيكون منطلقاً أساسياً تعتمد عليه دراسته العلمية مستقبلاً، وأهم ما ينبغي أن يعتني به الباحث هنا هو القراءة الناقدة لموضوع بحثه بحيث تبرز شخصية الباحث فيما بعد عند صياغته للإطار النظري لبحثه. أما ما يتعلق بالدراسات السابقة فعلى الباحث أن يجمع كل ماله علاقة بدراسته من حيث مجالها وموضوعها ممن سبقه في البحث العلمي ليستفيد منها عند إعداد بحثه من حيث ما يتعلق بالخطوات السابقة المذكورة آنفاً ومن حيث معرفة المنهجية المناسبة لبحثه وأدوات الدراسة التي ستسهم في تحقيق أهداف البحث، وعينة البحث ،ومجتمعها وخلافه.

الخطوة الحادية عشرة: البدء بتطبيق البحث ميدانياً:

بعد اكتمال ما سبق يتم البدء بكتابة الفصل الثالث المتعلق بإجراءات البحث ومنهجيته ومجتمعه وعينته وأدواته ومعرفة الصدق والثبات ومعامل السهولة والصعوبة وتحكيم الأدوات ومعرفة الأساليب الإحصائية المناسبة للبحث. ومن ثم التطبيق.

الخطوة الثانية عشرة: تحليل النتائج وتفسيرها:

بعد جمع المعلومات والبيانات يتم تحليلها احصائياً وتفسيرها ومن ثم التوصل للنتائج وهنا ينبغي ربط ما تم التوصل إليه من نتائج بنتائج الدراسات السابقة التي لها علاقة بهذا البحث وتبرز هنا شخصية الباحث العلمية في بحثه.

الخطوة الثالثة عشر: نتائج البحث وتوصياته ومقترحاته:

وتعد هذه الخطوة هي لب البحث العلمي للطالب وهو كتابة ما تم التوصل إليه من نتائج علمية لبحثه وفق أهداف دراسته وأسئلتها وفروضها وينبغي أن يتنبه الباحث إلى ضرورة الربط بين كل هدف وسؤال وفرض وبين نتيجته التي تم التوصل إليها ويبني عليها توصياته ومقترحاته فيما يخدم أهداف بحثه فقط.

الخطوة الرابعة عشر: البدء بكتابة الرسالة العلمية:

وهنا تعد الخطوة الأخيرة وهي كتابة الرسالة العلمية كاملة ومراجعتها لغوياً وعلمياً وأن تكون بصياغة أكاديمية راقية تخدم البحث العلمي في مجالها.

-------------------------------------------------------------------

ورقة عمل حررت من:

أ.د. صالح بن إبراهيم بن هادي المقاطي

أستاذ المناهج وطرق التدريس العامة

كلية التربية

جامعة شقراء

بتاريخ 13/8/1444هـ الموافق 5/3/2023م