الأخطاء الشائعة لدى الباحثين في إعداد الأبحاث في الأقسام الشرعية
الأخطاء الشائعة لدى الباحثين في إعداد الأبحاث في الأقسام الشرعية
د. مراد باخريصة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا مزيدًا.
وبعد:
فقد تبيَّن لي من خلال حضور المناقشات العلنية وعملي في مراجعة وتصحيح الأبحاث العلمية وخاصة في مجال الدراسات الإسلامية أنَّ هناك الكثير من الأخطاء المكررة التي يقع فيها غالبية طلاب الدراسات العليا في الجامعات المختلفة فأحببت استعراض ما استحضره منها للسلامة من الوقوع فيها.
ومدار هذه الأخطاء كلها يرجع في الغالب إلى عدم ضبط منهجية البحث ضبطًا علميًا صحيحًا والإخلال بها نظريًا وعمليًا فيقع الباحث في هذه الأخطاء.
وسأقوم في هذا المقال بتصنيف هذه الأخطاء إلى:
- الأخطاء العلمية.
- الأخطاء المنهجية.
- الأخطاء التنسيقية.
- الأخطاء اللغوية.
أولاً: الأخطاء العلمية
وهي كثيرة ومن أشهرها:
- ضعف القراءة الشاملة حول الموضوع والاعتماد في الدرجة الأولى على الدراسات السابقة.
- نقل المعلومات من كتب المتأخرين مع وجودها في كتب المتقدمين.
- عدم ترتيب المادة العلمية ترتيبا سليما فتجده مثلاً يتحدث عن موضوع معين في الباب الأول ثم يعود لذكره في مواضع أخرى من البحث.
- الإسهاب في نقل النصوص دون تعليق أو تحليل أو نقد أو ذكرٍ لرأي الباحث ..
- الخلل في نقل المعلومات من مصادرها العلمية فمثلا يقوم بتعريف قبيلة من القبائل من كتاب معجم البلدان والأصل أنْ يقوم بتعريفها من كتب الأنساب أو يترجم لشخصية من كتاب عام وليس من كتب التراجم أو يُعرِّف بمصطلح من غير كتب التعريفات، أو يُعرف بفرقة أو ديانة من غير كتب الفرق والملل وهكذا..
- ذكر الأقوال والآراء بدون ترجيح أحدها مع ذكر دليل الترجيح.
- إغفال الربط بين فقرات البحث فيشعر القارئ بوجود فجوات بين الفقرات وعدم ترابط موضوعي بينها بسبب إغفال الباحث لعبارات بسيطة تربط بين فقراته أو يذكر استنباطا دون أن يذكر ما يدل عليه من النص.
- التكلم بعبارات التضخيم والجمع مثل قول الباحث عن نفسه: قلت- قلنا- أشرنا- بيَّنا- أسلفنا- أوضحنا- لن نطيل ...
- الإسهاب في تناول بعض المواضيع بحيث يصعب على القارئ ربطها بعنوان المطلب أو المبحث أو التقصير في تناولها وإعطائها حقها فتظهر المعلومة إلى القارئ ناقصة وغير كافية علميًا.
- الاعتماد على شبكة الانترنت أو المكتبات الالكترونية في الحصول على المعلومات دون فحص أو مراجعة خاصة إذا ادعى الباحث نسبتها إليه مما يُعرضه للحرج في توثيقها أو الحرج في فحصها ومصداقيتها أو الأخطاء في قيمتها العلمية أو احتوائها على أخطاء مطبعية...
- أخذ المعلومات من الكتب المختلفة في المكتبات المتعددة دون أخذ بيانات الكتب كاملة (عنوان الكتاب كاملاً، اسم المؤلف، دار النشر، بلد النشر، رقم الطبعة، سنة الطبع، الجزء والصفحة) مما يكلفه عند إعداد قائمة المصادر والمراجع إلى البحث عن هذه المراجع مرة أخرى لتسجيل بياناتها.
ثانيًا: الأخطاء المنهجية
وممكن تقسيمها إلى:
- الأخطاء المنهجية في إعداد خطة البحث.
- الخلل في تقسيم خطة البحث فيقوم الباحث بتقسيم خطته بحسب خطة أبحاث أخرى مشابهة والأصل أن يقوم بتقسيم خطته بحسب المادة العلمية المتوفرة لديه فمن كانت لديه مادة علمية كبيرة فالأفضل له أن يُقسم الخطة إلى أبواب والأبواب إلى فصول والفصول إلى مباحث والمباحث إلى مطالب والمطالب إلى فروع والفروع إلى مسائل.
ومن كانت لديه مادة علمية متوسطة فمن الممكن أن يقوم بتقسيم الخطة إلى فصول وينتهي بالمطالب.
وإذا كانت المادة علمية قليلة - كالأبحاث المحكَّمة أو أبحاث التخرج- فيبدأ بالمباحث وينتهي بالمطالب لتكون خطته أكثر ترابطًا وأفضل تنظيما وتناسقًا.
- عدم عرض الخطة على عدة مختصين في القسم أو الاستعجال في كتابة البحث قبل إقرارها.
- الآيات القرآنية:
- كتابة الآيات القرآنية ببرامج مختلفة أو نسخ مختلفة من برنامج مصحف المدينة (الرسم العثماني) مما يتسبب في مشكلة عند طباعتها أو فتح البحث في جهاز آخر.
- عدم توحيد الأقواس في جميع البحث في الآيات فمرة يكتب سورة البقرة (20) ومرة سورة البقرة آية 20 ومرة [20] وهكذا..
ج. الأحاديث النبوية:
1- نسخ بعض الأحاديث بالضبط والتشكيل بالحركات وبعضها بدون ذلك فتكون الآلية في كتابة الأحاديث مختلفة.
2- الاعتماد في تخريج الأحاديث على المتأخرين أو حكم محقق الكتاب مع وجود أقوال للمتقدمين في الحكم على الحديث موجودة في المكتبة الشاملة في قسم كتب التخريج والزوائد.
- تخريج الحديث من مصدر واحد إذا كان في غير الصحيحين أو إحدهما والأصل أنْ يقوم الباحث بتخريج الحديث من عدة مصادر فإذا كان الحديث في السنن فالأصل أن يقوم بتخريجه من السنن الأربع جميعها.
- نقص معلومات الحديث فيكتفي مثلا بالمصدر مع رقم الجزء والصفحة فيقول أخرجه البخاري (1/50) والصحيح أن يكتب معلومات التخريج كاملة ذاكرًا اسم المصدر ثم الكتاب ثم الباب ثم الجزء والصفحة ورقم الحديث ومثال ذلك:
أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، (9/114) برقم (7371).
- الاعتماد في تخريج الأحاديث على طبعات مختلفة للكتاب.
هـ. التراجم:
- الخلل في منهجية التراجم فمرة يكتب اسم الشخص مع الكنية واللقب ومرة بدون ذلك ومرة بذكر شيء من مؤلفاته ومرة بدون ذلك والأصل أن يمشي على منهجية واحدة فمثلا يعتمد في كل ترجمة الاسم الرباعي مع اللقب ودرجته العلمية وأشهر مؤلفاته وسنة وفاته.
- نسخ الترجمة من كتب أخرى اعتمدت على طبعات أخرى فمثلا بعض التراجم معتمدة على كتاب "سير أعلام النبلاء " طبعة دار الحديث وبعضها على نفس الكتاب طبعة مؤسسة الرسالة.
- إغفال ذكر بعض المراجع في فهرس المصادر والمراجع.
- الترجمة للشخص من كتب المتأخرين مع وجود ترجمته في كتب المتقدمين.
- عدم السير على المنهجية التي اعتمدها في التراجم فمثلا يغفل ترجمة بعض الأشخاص مع أن منهجيته تقول الترجمة لجميع الأعلام الوارد ذكرهم في البحث.
- الأصل أن يترجم للشخص عند ورود ذكره لأول مرة فقد يترجم الباحث للعَلم بهذه الطريقة ولكن بعد هذا يحصل تعديل أو إضافة أو حذف في البحث فيتقدم اسم الشخص فلا يتنبه لذلك الباحث فتصير الترجمة متأخرة وليست عند ذكر الَعَلم في المرة الأولى.
- الفوضوية في الألقاب فمرة يقول: قال الإمام الطبري ثم يأتي على ذكر البغوي فيقول قال البغوي دون ذكر كلمة الإمام، ومثله لقب الدكتور ... وهكذا فيجب على الباحث توحيد منهجية الألقاب للبحث كاملا.
- الفوضوية في الأدعية فمثلا يقول روى أبو هريرة رضي الله عنه ثم يأتي على ذكر ابن عمر مثلا فيقول روى ابن عمر –دون أن يكتب رضي الله عنه – مع أن كلاهما من الصحابة
ومثلها رحمه الله ... إلخ.
و. التوثيق:
1- الفوضوية في التوثيق فمرة يذكر معلومات المصدر كاملة ومرة اسم الكتاب مع المؤلف ومرة فقط اسم الكتاب.
- الفوضوية في اسم الكتاب فمثلاً مرة يقول تفسير ابن كثير ومرة يقول تفسير القرآن العظيم والأصل توحيد المنهجية في ذلك.
- الخلل في تريب المصادر المكررة في الهوامش في نفس الصفحة فمرة يكتب المصدر نفسه ومرة المصدر السابق ومرة المرجع السابق ومرة الموضع نفسه .. فلابدَّ من اعتماد منهجية واحدة في جميع البحث.
- التسرع عند كتابة البحث في كتابة المرجع السابق في الهامش ثم يقوم الباحث ببعض التغييرات أو يطالبه المشرف بعمل بعض التعديلات على البحث وعند الإضافة والحذف (النسخ – اللصق- القص ) تتلخبط عليه الهوامش التي كتب عليها المرجع السابق ويحصل تقديم وتأخير في الهوامش.
لذا يجب عليه أن يكتب في الهوامش كلمة المرجع السابق عند الانتهاء من البحث كاملا وعمل جميع التعديلات عليه.
- نسخ النصوص من غير مصدرها الرسمي وعند الرجوع للنص في المرجع الرسمي يجده مقتبسا أو ناقصا أو يحتوي على أخطاء في الكتابة والنسخْ ...
- الاعتماد على طبعات مختلفة في التوثيق بسبب النسخ واللصق من كتب أخرى.
- الخلل في ترتيب المصادر في الهامش الواحد الذي يحتوي على عدة مصادر فترتب بحسب أقدميتها ويُعرف ذلك بسنة وفاة مؤلفيها.
ثالثًا: الأخطاء التنسيقية
وهي كثيرة ومن أشهرها:
- عدم التمييز بين النصوص المنقولة نصا والنصوص المنقولة اقتباسا والأصل هو أن يضع النص المنقول بالنص بين قوسين مع توحيد الأقواس في جميع البحث ويضع مصدرها بالهامش بدون كلمة انظر أو ينظر.
وأما النصوص المقتبسة فلا توضع بين قوسين ويُكتب قبل ذكر المصدر في الهامش كلمة: انظر أو ينظر.
- تغليظ بعض النصوص B وترك بعضها فتجد مثلا الأحاديث بعضها مغلظ وبعضها يُكتب بدون تغليظ أو تجد بعض العبارات مسطرة وبعضها بدون تسطير.
- الفوضوية في وضع الرموز فمثلا مرة وقال: ومرة يغفل وضع : وهكذا ..
رابعًا: الأخطاء اللغوية
المفترض أنَّ الباحث يعرض بحثه بعد الانتهاء منه على مدقق لغوي مختص إذا كانت خبرته اللغوية غير كافية.
هذا ما استحضرته وأرجوا المشاركة والتكميل ..
والله الموفق.